تُعرَف المتاحف بأنها مقرات لحفظ وعرض وبحث تراث وفنون الشعوب، فإما أن تقتصر على كونها معارض تقليدية، أو أن يمسك المعماري فرشاته ليجعل من المتحف أيقونة تُخلّد كما تُخلَّد أي قطعة أثرية أو فنية باتت قديمة وتحافظ عليها الأجيال. وليحدث هذا، يجب أن ينبثق المبنى من الأرض ويمثل جزءًا من هويتها، وهو ما نراه في تصميم متحف قطر الوطني الحاصل على جائزة "منتدى المهندسين المعماريين الأوروبيين الرائدين" لأفضل تصميم واجهة لعام 2017م.

‍

  الموقع واهميته:

يقع المتحف في الجهة الجنوبية من كورنيش الدوحة، وسيكون أول معلم مرئي للمسافرين القادمين من المطار.

أُنشئ هذا المتحف على أرض تبلغ مساحتها حوالي 140 ألف متر مربع، وكان ضمن الموقع قصر الشيخ عبد الله بن جاسمآل ثاني الذي تم ترميمه بعناية ليصبح أحد المحاور التي يتناولها المتحف. وتتمثل الوظيفة الأساسية
للمتحف في عرض تاريخ وحاضر ومستقبل قطر، وهي قصة يرويها جيل بعد جيل، وكان هذا القصر يمثل مركز الحكم لأحد هذه الأجيال

  من اين استلهم جاننوفيل فكرته؟

استلهم المعماري الشهير جان نوفيل فكرة تصميم المتحف من وردة الصحراء، والتي تتجلى منخلال الأقراص المتقاطعة والمختلفة الأقطار والمواضع. وقد عبّر جان نوفيل عن فكرته قائلًا: "هذا المبنى يجسد أحدث التقنيات تمامًا مثل قطر. وردة صحراء كوّنتها الطبيعة عبر الرياح ورذاذ البحر وحبيبات الرمل منذ آلاف السنين، إنها هندسة طبيعية ملهمة."

‍

   مكونات المبنى:

يوفر المبنى حوالي 52,000 متر مربع من المساحات المغلقة، بما في ذلك7,000 متر مربع للمعارض الدائمة، و1,700 متر مربع للمعارض المؤقتة، يبلغ عددها 11معرضًا متسلسلة تعرض تاريخ قطر منذ البدايات وحتى اليوم. تتوزع هذه المعارض حولالفناء بشكل يشبه القلادة حول العنق. تشغل مناطق الاستقبال العامة والبهو حوالي3,000 متر مربع على مستويين. وتقع القاعة التي تتسع لـ220 مقعدًا بجوار البهو الرئيسي.

يحتوي المتحف على مقهيين: أحدهما بجوار البهو، والآخر في منتصف المعارض الدائمة. ويضم الطابق العلوي مطعمًا ومطبخًا بانوراميين، إضافة إلى متجرين للهدايا.

كما يشتمل المتحف على منشآت للحفاظ على التراث، ومختبرات للصيانة والبحث،

بالإضافة إلى مرافق منفصلة للمجموعات المدرسية وكبار الشخصيات.

وقد تطورت فكرة المتاحف من التثقيف بالصور والنصوص إلى استخدام أحدث وسائل العرض، مثل الشاشات الرقمية، والواقع الافتراضي، والواقع المعزز، وهو مايتناسب مع طبيعة المتحف كتحفة معمارية حديثة تستخدم تقنيات البناء المتطورة.

‍

   الهيكل الانشائي والمواد المستخدمة:

 يتكون المبنى من 130قرصًا بأقطار متنوعة تتراوح بين 10 إلى 40 مترًا، مغلفة بألواح خرسانية مسلحة بألياف زجاجية عالية الأداء، لدنة (مرنة، تتشوه قبل الكسر).

 يتم تثبيت هذه العناصر مسبقةالصنع على إطار معدني، وتُوضع تحتها طبقات العزل الحراري والمائي. تستند الأقراص الأفقية إلى الأقراص العمودية وتنقل أحمالها إليها ثم إلى التربة.

 يتكون السقف من 76 ألف صفيحة،جرى تشكيلها بأكثر من 3,600 شكل وحجم مختلف. الأقراص مغطاة بالجص الحجري، وهو نوعمن الجبس التقليدي يمنح مظهرًا حجريًا. أما الأسقف، فهي مغطاة بالجص المرشوش فوقالصوف المعدني لتحقيق العزل الصوتي.

‍

تملك المتاحف من حرية التشكيل ما لا تملكه كثير من المباني الأخرى، وعليه فإنها فرصة للمعماري ليستغل الفرصة والإمكانات إن وُجدت ليخلق أيقونة تستهدف الذاكرة والزوار. ومع كونها كذلك، فإن لها سمات لا بد أن تُحدِّد الشكل النهائي،ولا يجب الحياد عنها، كوظيفة المتحف، الموقع والمكان، متطلبات المشروع، والموادالمتوفرة.  

‍