أصبحت إعادة تدوير المخلفات الإنشائية ضرورة ملحّةفي ظل التوسع العمراني المستمر، والكوارث الطبيعية، والحروب التي تُخلّف كميات هائلة من الركام. تشمل المخلفات الإنشائية بقايا مواد البناء التي تنتج عن الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، أو عن التدمير الممنهج من قِبل السلطات المحلية نتيجة انتهاء عمر المبنى، أو بسبب العدوان الخارجي والحروب. وفيكثير من الأحيان، تكون هذه المخلفات غير قابلة للاستخدام المباشر، مما يستدعي إعادة تدويرها لتُصبح مواد قابلة للاستعمال في مشاريع إنشائية جديدة

مفهوم إعادة تدويرالمخلفات الإنشائية:

 تعني إعادة تدوير المخلفات الإنشائية جمعَ،وتصنيفَ، ومعالجةَ المواد الناتجة عن عمليات الهدم والبناء، بهدف إعادة استخدامها في مشاريع جديدة بدلًا من التخلص منها. تشمل هذه المخلفات:الخرسانة، الحديد، الطوب، الزجاج، البلاستيك، الأخشاب، وغيرها من المواد البلاستيكية الخاصة بأنابيب الصرف الصحي، وصولًا إلى أصغرها من البراغي والمسامير.

ينقسم الركام بشكل عام إلى نوعين:

-الركام الخشن: أسهل في الفرز والتحديد، ويشمل قطع الخرسانة، الطوب، الزجاج، والمعادن الكبيرة.

-الركام الناعم: يتكوّن من الرمال،ومخلفات الزجاج، ومكوّنات الخرسانة الصغيرة، وغالبًا ما يكون مختلطًا بمواد أخرى،مما يستدعي معالجته كيميائيًا لفصله. لكن هذه العمليات قد تؤثر على جودة الموادالمعاد تدويرها وعلى البيئة المحيطة.

وفي حالة إعادةاستخدام بعض المواد السليمة التي تعاني من أضرار طفيفة، فقد تُستبدل الأبواب و النوافذ (التي تكون في حالة جيدة وقابلة لإعادة البيع) بمنتجات جديدة، أو يُتبرعبها، أو تُباع لاستخدامها في مشروع آخر، وهو شكل من أشكال إعادة الاستخدام المفيد.  

أما المواد والمنتجات التي لا يمكن التخلص منها أو تقليلها أو إعادة استخدامها بكفاءة وفعالية، فيتمجمعها في نهاية المطاف (كما ذكرنا سابقًا). وإن لم يُعاد تدويرها، فمن الأفضل التخلص منها بأقل تكلفة ممكنة.  

في بعض البلدان، تكون رسوم التخلص في مكبات النفايات الصلبة أعلى بكثير من تكلفة الفصل والاستعادة، بمافي ذلك تكلفة التخلص من المخلفات

‍

أنواع المخلفات الإنشائية التي يمكن إعادة تدويرها:

يمكن تصنيف المخلفات الإنشائية إلى نوعين رئيسيين من حيث المسببات:  

-مخلفات إنشائية غير خاضعة للرقابة: غالبًا ما تكون ناتجة عن عمليات هدمغير منظمة أو عن كوارث طبيعية.  

-مخلفات إنشائية خاضعة للرقابة: يتم جمعها وفرزها بعناية في مواقعالبناء أو الهدم.

ومن أبرز المواد القابلة لإعادة التدوير بصورة سريعة وسهلة:

-الركام الخشن: مثل الخرسانة، الحديد، الطوب، الزجاج، والبلاستيك، حيث يتم جمعها خلال مراحل البناء أو الهدم الأولى بطريقة تسهّل فرزها وإعادة استخدامها.  

-المخلفات المعدنية: مثل حديد التسليح، الذي يمكن صهره وإعادة تشكيله.  

-الزجاج والبلاستيك: يمكن معالجتهما حراريًا أوكيميائيًا لإعادة استخدامهما

أهمية إعادة التدوير:

التقليل من التلوث البيئي: الحد من النفايات المتراكمة في المكبات، والتي تؤدي، بعد تأثرها بالعوامل الجوية المحيطة، إلى تغيّر في خصائصها وانبعاث غازاتِ سامةٍ.

توفير المواد الخام: تقليلالحاجة إلى استخراج مواد جديدة، وأحيانًا تكون المواد المعاد تدويرها أعلى كفاءةمن سابقتها، مثل الخرسانة المسلحة المعاد تدويرها.  

تخفيض تكاليف التخلص: تقليل تكلفة نقل المخلفات وطمرها.  

تحقيق الاستدامة في المشاريع العمرانية: دعم ممارسات البناءالمستدام، ومن أبرز جوانبه مشاركة الأيدي العاملة المحلية في العملية

الإدارة العملياتية لإعادة التدوير:

-التخطيط المسبق للمشاريع الإنشائية: تخطيط وتصميم المشاريع بطريقةتسمح باستخدام المواد المعاد تدويرها.

- فرز المخلفات في الموقع: تصنيف المواد حسب النوع لتسهيل عمليةإعادة التدوير.

-التخزين المؤقت في مواقع مخصصة: الحفاظ على جودة المواد باستخدام طرق مختلفة تحميها من التلوث والتأثر بالعوامل المحيطة. النقل إلى مراكز إعادةالتدوير: يتم نقل المواد إلى مواقع معالجة بعيدة قدر الإمكان عن مصادر التلوث، حيث تُعاد معالجةالمادة الأصلية لتوليد مادة جديدة صالحة للاستخدام.  

-المعالجة: تشمل تكسير المواد، وفرزها، وتصنيعها.

-إعادةالاستخدام في المشاريع: وأخيرًا، يتم إدخال الموادالمعاد تدويرها في عمليات البناء.

‍

التقنيات المستخدمة في إعادة التدوير:

-الطرق الميكانيكية: التكسير، الغربلة، الفصل المغناطيسي.

-الطرق الكيميائية: فصل المواد باستخدام تفاعلات كيميائية.

- التكنولوجيا الحديثة: تقنيات متقدمة لإعادةتدوير الخرسانة والأسفلت بطرق أقل ضررًا للبيئة

تطبيق المواد المعاد تدويرها فيالبناء:

-الخرسانة المعاد تدويرها: تُستخدم فيالأرصفة والطرق وبعض الإنشاءات الداخلية.

-الطوب المعاد تدويره: مناسب للبناء والتشييد.

- بلاط الأرضيات والجدران: يصنع من مخلفات الرخام والجرانيت
‍

المشاكل والتحديات:

-نقص الوعي بأهمية إعادةالتدوير.  

-عدم توفر البنية التحتية المناسبة في بعض المناطق. التكلفة الأولية المرتفعة للتكنولوجيا المستخدمة(إن استُخدمت).

-التشريعات غير الكافية في بعض الدول لتنظيم العملية.

-اختلاط المواد الكيميائية: ففي مناطق الحروب أو الكوارث،قد تختلط المواد الإنشائية بمواد كيميائية خطيرة، مما يجعل معالجتها أكثر تعقيدًاويؤثر سلبًا على البيئة وعلى جودة المواد المعاد تدويرها.

‍

مثال عالمي ناجح: إعادة إعمار هيروشيما

في هيروشيما، اليابان، تم تطبيق تقنيات متقدمة لإعادة تدوير الأنقاض بعد الكارثة النووية، حيث تم استخدام تقنيات الفصل المغناطيسي والتكسير الميكانيكي لتنظيف الركام وإعادة استخدامه في مشاريع بناء جديدة، مماساهم في إعادة بناء المدينة بشكل مستدام.

‍

إعادة تدوير المخلفات الإنشائية لم يعد خيارًا بل ضرورة لتحقيق الاستدامة والاستفادة من المواد الإنشائية والتقليل من الأثر السلبي على البيئة.في حال تبنّي سياسات فعّالة في إدارة الأنقاض وإعادة التدوير سنساهم في بناء مستقبل مزهر و أكثر استدامة.

وللقصةبقية...

‍