العمارة الاسلامية الحديثة

أسامة صلاح ناجي
أسامة صلاح ناجي
6.10.2022
العمارة الاسلامية الحديثة

يمكنك الاستماع للمقالة أيضاً:

المحتويات

  • المقدّمة
  • تاريخ العمارة الإسلاميّة 
  • عناصر العمارة الإسلاميّة 
  • تطور العمارة الإسلاميّة
  • العمارة الإسلاميّة الحديثة: المحاور والخصائص الأساسيّة
  • دور السّياق في العمارة الإسلاميّة الحديثة
  • مستقبل العمارة الإسلاميّة الحديثة
  • علاقة العمارة الإسلاميّة بالاستدامة البيئيّة
  • الخاتمة
  • المصادر

المقدّمة:

العمارةُ الإسلاميّةُ الحديثةُ أسلوبٌ معماريٌّ معاصرٌ يدمجُ بينَ عناصرِ التَّصميمِ الإسلاميّةِ التِّقليديّةِ والتّقنياتِ البنائيّةِ الحديثةِ، وتعكسُ أيضاً السّياقَ الاجتماعيّ والثّقافيّ والتّكنولوجيّ للعالمِ الحديثِ. 

 للعمارةِ الإسلاميّةِ تاريخٌ غنيٌ يعودُ إلى أكثرِ من ألفِ عامٍ، وتتميّزُ باستخدامِ أنماطٍ هندسيّةٍ معقدةٍ، وكذلكَ استخدامُ الخطِّ العربيِّ الإسلاميِّ بأنواعهِ المختلفةِ بالإضافةِ إلى الزّخرفةِ النّباتيةِ.

 تعتبرُ دراسةُ العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ مهمةً لأنّها تساعدُنا على الفهمِ والإجابةِ عن سؤالِ كيفَ بإمكانِ الهندسةِ المعماريّةِ أن تعكسَ وتشكّلَ الهويّاتِ الثَّقافيّةِ؟، وكيفَ يقومُ المهندسونَ المعماريونَ والمصمّمونَ بتكييفِ مبادئِ التَّصميمِ التقليديّةِ والعناصرِ الإسلاميّةِ الأساسيّةِ لتلبيةِ متطلباتِ الحاضرِ؟.  

سوفَ نذكرُ في هذا المقالِ بدايةً نشأةُ التَّاريخِ الإسلاميِّ وتطوّرهِ وسنستكشفُ تطوّرَ العمارةِ الإسلاميّةِ، والمواضيعَ والخصائصَ الرئيسيّةِ للعمارِة الإسلاميّةِ الحديثةِ، ودورِ السّياقِ في تشكيلِ العمارةِ الإسلاميّةِ المعاصرةِ ومستقبلِ هذا المجالِ.

تاريخُ العمارةِ الإسلاميّةِ:

مرّتِ العمارةُ الإسلاميّةُ خلالَ التّاريخِ بعدةِ مراحلٍ ساعدَتْ على تطويرِ وابتكارِ عناصرٍ معماريّةٍ جديدةٍ وبديعةٍ، ومبانٍ ذاتِ وظيفةٍ لم يكن لها ظهورٌ قبلَ الإسلامِ، تطوّرتِ العمارةُ الإسلاميّةُ عبرَ عدّةِ مراحلٍ مرّتْ بها تبعاً لطبيعةِ الحكمِ في ذلك الوقتِ والمنطقةِ الَّتي وصلتِ إليها، بدايةً من عصرِ الأموييّنِ ثمَّ العباسييّنَ وما تَبِعَها منَ العصرَ الفاطميِّ والأيوبيِّ والمملوكيِّ وحتّى العصرِ العثمانيِّ، لم يكنْ للعمارةِ العربيّةِ قبلَ الإسلامِ الكثيرَ منَ العناصرِ والأساليبِ الفنيّةِ الجميلةِ، ولكن معَ ظهورِ الأُسرِ الإسلاميّةِ الحاكمةِ ظهرَ معها العديدَ منَ الابتكاراتِ والإبداعاتِ الَّتي امتازُوا بها مُظهرينَ ومخلّدينَ أسماءَهُم وتاريخَهُم من خلالِ هذه العماراتِ التَّاريخيّةِ. قام المسلمونَ باقتباسِ بعضِ الأفكارِ البنائيّةِ المستعملةِ في الكنائسِ القديمةِ والقصورِ، وعملُوا على تطويرِها واستعمالِها في مبانِيهم بطرقٍ فريدةٍ لا مثيلَ لها متناسبةً مع تعاليمِ الدِّينِ الإسلاميَّ، بالإضافةِ لابتكارِهم لفنونِ الزَّخرفةِ بنوعَيها الهندسيّة والنَّباتيّة، وكذلك لظهورِ الكثيرِ من العناصرِ الجديدةِ كالمُقَرْنَصَاتِ وفَنِّ الفُسيفساءِ. كما استحدثُوا العديدَ منَ المبانِي الوظيفيّةَ لم تكنْ موجودةً قبلَ ظهورِ الإسلامِ مثلَ المستشفياتِ أو البِمارِستَانَات والمدارسِ والخاناتِ وسبيلَ المياهِ وبالطّبعِ المساجدَ، والَّتي أثبتوا من خلالَها تميّزَهم وإبداعَهم، فبرزَ الفنُّ الإسلاميُّ كفنٍ عريقٍ لهُ جمالُه الفريدُ وسحرهُ الخاصُّ.

عناصرُ العمارةِ الإسلاميّةِ:

تتكونُ العمارةُ الإسلاميّةُ من عدّةِ عناصرٍ ومكوناتٍ تتميّزُ فيها عن باقي العمائرِ العالميّةِ الأخرى، كما تتنوعُ هذهِ العناصرُ أيضاً بطرزِها وأشكالِها الَّتي تطوّرَتْ على طولِ الفترةِ التي استمرَ فيها الحكمُ الإسلاميُّ في البقاعِ المختلفةِ، فتطورَتْ تبعاً لطبيعةِ المدينةِ وساكنِيها وطبيعتِهم الاجتماعيةِ، وسنتطرّقُ بشكلٍ موجزٍ في هذا المقالِ لمجموعةٍ من هذهِ العناصرِ وأبرزِ ما يميزُها.

القُبَّة:

هي أحدُ أشهرِ العناصرِ الإسلاميّةِ الَّتي تستعملُ لتغطيةِ الفراغاتِ، ويبرزُ استعمالُها بشكلٍ خاصٍ في المساجدِ، حجمياً هي نصفُ كرةً يختلفُ قطرُها تبعاً لتصميمِها الإنشائيِّ، وقد قامَ المعماريونَ المسلمونَ بتطويرِها بتصاميمَ مختلفةٍ حسبَ الطِّرازِ المعماريِّ في العصرِ الَّتي صُممَّت فيه فمنها القبابُ نصفِ الكرويّةِ، القبابُ البصليّةُ، القبابُ المفلطحةُ، والأقبيّةُ الصّغيرةُ. وغيرها منَ الأشكالِ اِّلتي أبدعَ المسلمونَ في تصميمِها.

العُقُودُ:

هي عناصرٌ إنشائيةٌ تأخذُ شكلَ أقواسٍ دائريّةٍ أو بيضويّةٍ، تمَّ إنشائُها لشكلِها الَّذي يساعُد على تخفيفِ الحمولاتِ وحملِ العناصرِ الإنشائيّةِ، وقد أبدعَ المسلمونَ في زخرفتِها وتشكيلِها وتصميمِها بأشكالٍ مميزةٍ امتازَتْ بها عن غيرِها من العماراتِ الأخرى، ومن أشهرِ أنواعِها العقودُ المدبّبةُ، العقودُ الفاطميّةُ، وعقودُ حدوةِ الفرسِ وغيرِها.

المُقَرْنَصَاتُ:

وهي قطعٌ حجريةٌ أو جصيةٌ أو خشبيةٌ متراصةٌ فوقَ بعضِها البعضِ وفقَ نظامٍ هندسيٍّ فراغيٍّ دقيقٍ، لتظهرَ كلوحةٍ مزخرفةٍ بديعةٍ، استعملتُ هذهِ المقرنصاتُ لتزينِ أعاليِ المداخلِ والمنابرِ في المساجدِ ولتغطيةِ حافّاتِ القِبابِ، وفي تيجانِ الأعمدةِ لدمجِها مع الجدرانِ الَّتي تستندُ عليها.

الملاقف:

هو عنصرٌ معماريٌ يستعملُ للحصولِ على التَّهويةِ الطَّبيعيةِ منَ الخارجِ وسحبَها إلى الدَّاخلِ بواسطةِ مجرىً شاقوليٍّ في نهايتِه العلويَّة فتحةٌ تواجهُ الرِّياحَ، يعملُ بتقنيةِ الضّغطِ السّالبِ والموجبِ للهواءِ، فهوَ يلتقطُ الهواءَ الباردَ منَ الفضاءِ الخارجيِّ وينقلهُ إلى الفضاءِ الدَّاخليِّ بواسطةِ المجرى الشاقوليِّ ليطردَ الهواءَ الحارَّ، معَ إمكانيةِ تمريرِ الهواءِ الدَّاخلِ على سطوحً مائيّةٍ لترطيبهِ. وتستعملُ هذهِ الطَّريقةُ التَّقليديَّةُ في بعضِ المباني التَّقليديَّةِ في الوقتِ الحاضرِ لتقليلِ استعمالِ الطَّاقةِ الكهربائيّةِ وتحقيقِ الاستدامةِ.

المَشْرَبِيَّة:

عنصرٌ بارزٌ في واجهةِ البناءِ يغطَي فتحةً أو نافذةً، وغالباً ما تكونُ المَشْرَبِيّاتُ منَ الخشبِ أو القصبِ أو الآجرِ، وهيَ مؤلفةٌ من عوارضٍ ذاتِ مقاطعٍ صغيرةٍ مشكّلةٍ بأنماطٍ هندسيَّةٍ مُزَخْرفةٍ، تتخللُها فتحاتٌ تسمحُ بمرورِ الإنارةِ ودخولِ الهواءِ العَليلِ من الخارجِ، تمنحُ للنّاظرِ من خلفِها القدرةَ على الرؤيةِ للخارجِ دونَ أن يُرِى. حيثُ تساعدُ هذهِ الخاصّيّةُ على رفعِ مستوَى الخصوصيَّةِ معَ السّماحِ لأكبر كميةٍ منَ الإنارةِ والتَّهويةِ بالدُّخولِ.

تطوّرُ العمارةِ الإسلاميّةِ:

تعودُ جذورُ العمارةِ الإسلاميّةِ إلى العصرِ الإسلاميِّ المُبكرِ الَّذي نشأَ في القرنِ السابعِ الميلاديِّ. كانتِ المبانِي الإسلاميّةُ الأولى هياكلَ بسيطةً مصمّمةً لأداءِ الصَّلاةِ، مثلَ مسجدِ النَّبيِّ مُحَمّدٍ ﷺ في المدينةِ المنورةِ، والَّذي تمَّ بناؤهُ عامَ 622 م. ويعتبرُ المسجدُ النَّبويُّ المبدأَ التّصميميَّ الأولَ للمساجدِ. ومعَ مرورِ الوقتِ، تطوَّرتِ العمارةُ الإسلاميّةُ لتشملَ مبانٍ أكثرَ تعقيداً، مثلَ القصورِ والأضرحةِ والقلاعِ والمقابرِ والمدارسِ والمستشفياتِ والخاناتِ وغيرِها. 

منَ السِّماتِ الرّئيسيّةِ للعمارةِ الإسلاميّةِ استخدامُ الأنماطِ الهندسيّةِ، والَّتي غالباً ما تُستخدمُ لإنشاءِ تصميماتٍ معقدةٍ. وتستندُ هذهِ الأنماطُ على مبادئ الهندسةِ الإسلاميّةِ، والَّتي تؤكدُ على استخدامِ الأشكالِ الهندسيّةِ كالدَّوائرِ والمربعاتِ والمضلعاتِ لإنشاءِ أنماطٍ فريدةٍ. وتعدُّ الزّخرفةُ باستخدامِ الخطُّ العربيِّ الإسلاميِّ عنصراً بارزاً في العمارةِ الإسلاميّةِ، حيثُ تستخدمُ آياتٌ منَ القرآنِ الكريمِ غالباً لتزيينِ المبانِي.

تكيّفتِ العمارةُ الإسلاميّةُ مع السّياقاتِ الاجتماعيّةِ والثّقافيةِ والتّكنولوجيّة المتغيرةِ على مرِّ القرونِ، حيثُ تغيرتْ معَ ما يناسبُ طبيعةَ المجتمعِ ويلائمُ البيئةَ المشيّدةَ. على سبيلِ المثالِ، خلالَ العصرِ الذَّهبيِّ الإسلاميِّ، الَّذي استمرَ منَ القرنِ الثامنِ إلى القرنِ الثالثِ عشرِ الميلاديَّ، وصلتِ العمارةُ الإسلاميّةُ إلى آفاقٍ جديدةٍ من التَّعقيدِ والتَّطورِ، وسمحَ التّقدمُ في علومَ الرّياضياتِ والهندسةِ للمعماريّينَ والمهندسينَ بإنشاءِ هياكلَ أكبرَ وأكثرَ تعقيداً، مثلَ قصرِ الحمراءِ في غرناطةَ بإسبانيا.

دورُ السّياق في العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ:

يلعبُ السّياقُ دوراً مهماً في تشكيلِ العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثة. يجبُ على المهندسينَ المعماريّينَ والمصممينَ مراعاةُ السّياقِ الاجتماعيِّ والثّقافيِّ والسّياسيِّ الَّذي يعملونَ فيهِ من أجلِ إنشاءِ مبانٍ وظيفيةٍ وذاتِ مغزىً. على سبيلِ المثالِ، في البلدانِ الَّتي تتمتعُ فيها العمارةُ الإسلاميّةُ بتاريخٍ طويلٍ، قد يعتمدُ المهندسونُ المعماريّونُ على عناصرِ التّصميمِ التّقليديّةِ في المنطقةِ لإنشاءِ المبانِي الَّتي تعكسُ التّقاليدَ الثّقافيةَ المحليّةَ، حيثُ يُحافظُ على التَّاريخِ المعماريَّ للمنطقةِ بإقامةِ المبانِي الجديدةِ على نفسِ النّمطِ المعماريِّ الموجودِ وتطويرهِ عن طريقِ تطويرِ الأنماطِ الأساسيةِ البارزةِ في هذا السّياقِ بطرقٍ مبتكرةٍ للوصولِ إلى الوحدةِ التّصميميّةِ والحفاظِ على الهويّةِ المحليّةِ. 

في سياقاتٍ أخرى، قد يكونُ المهندسونُ المعماريونَ أكثرَ تركيزاً على إنشاءِ مبانٍ مستدامةٍ موفرةٍ للطّاقةِ ومستجيبةٍ للبيئةِ المحليّةِ، وهوَ ما توفرهُ المبانِي الإسلاميّةُ التّقليديّةُ وعناصرُها.

أحدُ الأمثلةِ على كيفيةِ تأثيرِ السّياقِ على تصميمِ المبانِي الإسلاميّةِ الحديثةِ، هو تطويرُ مدينةِ مَصْدَر في أبو ظبي. وهي مدينةٌ مخططةٌ لتكونَ واحدةً من أكثرِ المدنِ استدامةً في العالمِ، وتهدفُ للتّركيزِ على الطّاقةِ المتجددةِ وانبعاثاتِ الكربونِ الصّفريةِ باستعمالِها لموادِ البناءِ المحليّةِ وتقليلِ استهلاكِ الطّاقةِ عن طريقِ زيادةِ الإضاءةِ الطّبيعيّةِ والتّقليلِ منَ اكتسابِ الحرارةِ. كما يُعدُّ معهدُ مَصْدَر للعلومِ والتّكنولوجيا، الواقعُ في مدينةِ مَصْدَر، مثالاً بارزاً على العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ الَّتي تستجيبُ لسياقَها البيئيِّ، يتميزُ المبنِى بتصميمٍ فريدٍ للاستفادةِ منَ الإنارةِ الطّبيعيّةِ ويقلّلُ منَ استخدامِ الطّاقةِ، معَ دمجِ عناصرِ التَّصميمِ الإسلاميّةِ التّقليديّةِ مثلَ الأنماطِ الهندسيّةِ والخطِّ.

مستقبلُ العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ:

مستقبلُ العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ مشرقٌ معَ العديدِ منَ الفرصِ للابتكار والإبداع. تتمثلُ أحدُ التّحدياتِ الرّئيسيّة الَّتي تواجهُ المهندسينَ المعماريينَ والمصمّمينَ في هذا المجالِ بكيفيةِ الموازنةِ بينَ متطلباتِ الحداثةِ والأسسِ والتّقاليدِ الغنيّةِ للهندسةِ المعماريّةِ الإسلاميّةِ. يقدمُ استخدامُ موادٍ وتقنياتٍ جديدةٍ فرصاً وتحدياتٍ على حدٍ سواءٍ، حيثُ يجبُ على المهندسينَ المعماريينَ التّنقلُ والموازنةُ في التّفاعلِ المعقدِ بينَ التّقاليدِ والابتكارِ.

أحدُ الأمثلةِ على العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ المتطوّرةِ الَّتي تشيرُ إلى مستقبلِ هذا المجالِ هو مكتبةُ قطر الوطنيّة، الَّتي اكتملتْ في عام 2018. تتميزُ المكتبةُ بتصميمٍ مذهلٍ يتضمنُ عناصرَ التَّصميمِ الإسلاميّةِ التّقليديّةِ، وذلكَ أيضاً باستخدامِ الموادِ الحديثةِ وتقنياتِ البناءِ لإنشاءِ هيكلٍ فريدٍ ومبتكرٍ. كما تمَّ تصميمُ المكتبةِ لتكونَ موفرةً للطّاقةِ ومستدامةً، معَ التّركيزِ على الإنارةِ الطّبيعيّةِ والتّبريدِ السّلبِّي.

علاقةُ العمارةِ الإسلاميّةِ بالاستدامةِ البيئيّةِ:

هناكَ علاقةٌ قويةٌ بينَ تقنياتِ البناءِ الإسلاميّةِ وعناصرِها والاستدامةِ البيئيّةِ وما تدعُو لهُ المنظّماتُ العالميّةُ الحديثةُ، فقد بُنيتِ العمارةُ الإسلاميّةُ في الأماكنِ الَّتي كانَ لَها مواقعاً متميزةً وأهمياتٍ استراتيجيةٍ لدواعِي عديدةٍ، مثلَ الحروبِ والتّجارةِ والمواردِ الطّبيعيّةِ وغيرِها منَ الأسبابِ، كذلكَ استعمالُ الموادِ الطّبيعيّةِ المحليّةِ المتواجدةِ بجوارِ البيئةِ المحيطةِ من أحجارٍ وأخشابٍ وطَمِيٍ وغيرِهَا منَ الموادِ المحليّةِ، كما اهتمَّ المسلمونَ بالحفاظِ البيئيِّ والبيئةِ المحيطةِ، كحفاظِهم على المواردِ والأرضِ والمبانِي على حالِها مع استصلاحِها دونَ تدخلٍ مسيءٍ أو إسرافٍ واستهلاكٍ أو إتّلافٍ للمواردِ المتاحةِ، وهيَ من أهمِّ مبادئِ الاستدامةِ الَّتي يدعُوا لهَا العالمُ في الوقتِ الحاضرِ من حمايةِ المواردِ الطّبيعيّةِ الأساسيّةِ للمنطقةِ والتّقليلِ من الاستهلاكِ والإسرافِ في استعمالِ المواردِ، وذلكَ بالإضافةِ إلى الحلولِ المعماريّةِ الذّكيّةِ الَّتي كانَ يستعملُها المعماريّونَ المسلمونَ في تقليلِ الآثارِ الطّبيعيّةِ الجويّةِ على المبانِي والسّكانِ وتحقيقِ الرّاحةِ والحلولِ المناخيّةِ المبتكرةِ في تقليلِ التأثيراتِ المناخيّةِ، وذلكَ باستعمالِهم للجدرانِ العريضةِ والمَلاقِفِ الهوائيّةِ والفناءِ الوسطيِّ المفتوحِ والمَشْرَبِياتِ وتقليلِ الفتحاتِ الخارجيةِ، كلُّ ذلكَ ساعدَ في وصولِ العمارةِ الإسلاميّةِ إلى أسمى معانَي الاستدامةِ البيئيّة.

الخاتمة:

تعتمدُ العمارةُ الإسلاميّةُ الحديثةُ على تقليدٍ غنيٍ للتّصميمِ الإسلاميِّ معَ دمجِ موادٍ وتقنياتٍ وعناصرِ تصميمٍ جديدةٍ، فيعكسُ تطوّرِ العمارةِ الإسلاميةِّ على مرِّ القرونِ، السّياقاتِ الاجتماعيّةِ والثّقافيّةِ والتّكنولوجيّةِ المتغيّرةِ الَّتي تطوّرتْ من خلالِها. تشملُ الموضوعاتُ والخصائصُ الرّئيسيّةُ للعمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ، استخدامَ عناصرِ التّصميمِ الإسلاميِّ التقليديِّ جنباً إلى جنبٍ معَ الموادِ الحديثةِ وتقنياتِ البناءِ، بالإضافةِ إلى الاهتمامِ بالتّركيزِ على الإنارةِ والتّهويةِ. يلعبُ السّياق دوراً مهماً في تشكيلِ العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ، ومعَ استجابةِ المصمّمينَ  المهندسينَ المعماريّينِ للسياقِ الاجتماعيِّ والثّقافيِّ والسّياسيِّ المحليِّ الَّذي يعملونَ فيهِ، فإنَّ مستقبلَ العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ مشرقٌ واعدٌ، معَ العديدِ منَ الفرصِ للابتكارِ والإبداعِ، حيثُ يواصلُ المصمّمونَ والمهندسونُ المعماريّونَ اكتشافَ وتطويرَ التفاعلِ المعقّدِ بينَ التّقاليدِ والابتكارِ.

العمارةُ الإسلاميّةُ الحديثةُ:

المحاور والخصائص الأساسية

تعتمدُ العمارةُ الإسلاميّةُ الحديثةُ على تقاليدِ العمارةِ الإسلاميّةِ القديمةِ وعناصرِها الأساسيّةِ معَ دمجِ عناصرِ وتقنياتِ التّصميمِ الجديدةِ. تشملُ الموضوعاتُ والخصائصُ الرّئيسيّةُ للعمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ استخدامَ عناصرَ التَّصميمِ الإسلاميّةِ التّقليديّةِ، مثلَ الأنماطِ الهندسيّةِ والخطِّ، إلى جانبِ الموادِ الجديدةِ المصنعةِ وتقنياتِ البناءِ الحديثةِ. يعدُّ التعاملُ معَ الضوءِ والمساحةِ سِمةً مهمةً في العمارةِ الإسلاميّةِ الحديثةِ للمساهمةِ في الحفاظِ على البيئةِ وتقليلِ انبعاثاتِ الكاربونِ، حيثُ تمَّ تصميمُ العديدِ منَ المبانِي مستفيدةً منَ الإنارةِ الطبيعيّةِ بحدّهِ الأقصى وخلقُ شعورِ الاندماجِ معَ الطّبيعةِ والأجواءِ الرُّوحيّةِ.

تتمثلُ إحدَى الطّرقِ الَّتي تختلفُ بِها العمارةُ الإسلاميّةُ الحديثةُ عنِ العمارةِ الإسلاميّةِ التّقليديّةِ باختلافِ استخدامِ الموادِ. في حينِ أنَّ المبانِي الإسلاميّةَ التّقليديّةَ غالباً ما يتمُّ تشييدُها باستخدامِ موادٍ محليةٍ، مثلَ الطُّوبِ والطّينِ والحجرِ، فإنَّ المبانِي الإسلاميّةَ الحديثةَ غالباً ما تستخدمُ مواداً أكثرَ حداثةً مثلَ الزّجاجِ والحديدِ والخرسانةِ. ويتيحُ ذلكَ قدراً أكبرَ منَ المرونةِ في التَّصميمِ والبناءِ، كما يسمحُ للمهندسينَ المعمارّيينَ بدمجِ عناصرٍ هيكليةٍ أكثرَ تعقيداً معَ مراعاةِ الحفاظِ على الطّابعِ الإسلاميِّ في التّشكيلِ الوظيفيِّ والواجهاتِ.

ومنَ الأمثلةِ على المبانِي الإسلاميّةِ الحديثةِ الَّتي تجسدُ هذهِ الموضوعاتِ والخصائصِ مسجدُ الشيخِ زايد الكبيرَ في أبو ظبي في الإماراتِ العربيّة المتحدّة، ومركزُ الملكِ عبدِ الله للدراساتِ والبحوثِ البتروليّةِ في المملكةِ العربيّةِ السّعوديةِ، ومسجدُ صابانجي في إسطنبول في تركيا. ويتضمنُ كلُّ مبنىً من هذهِ المبانِي عناصرَ التَّصميمِ الإسلاميّةِ التّقليديةِ معَ استخدامِ الموادِ الحديثةِ وتقنياتِ البناءِ المتطوّرة لإنشاءِ هياكلَ مبتكرةٍ وفريدةٍ من نوعِها.

المعرض:

تاريخ النشر:

9.1.2024

شارك المقال :
المساهمون :

الإشراف العلمي:

التدقيق اللغوي:

التنسيق:

التحرير:

القراءة الصوتية:

المصادر :
مقالات مختارة ..مقالات مختارة ..مقالات مختارة ..
مقالات مختارة ..مقالات مختارة ..مقالات مختارة ..
مقالات مختارة ..مقالات مختارة ..مقالات مختارة ..