المحتويات
- المقدمة
- تعريف الفناء
- تاريخ استعمال الفناء
- الفناء في الحضارة المصرية وحضارة بلاد الرافدين
- الفناء في الحضارة الإغريقية والرومانية
- العمارة الإسلامية
- تعريفها
- مبادئ بناء المنزل في الإسلام وعلاقتها بالفناء
- أمثلة على استعمال الفناء في العصر الإسلامي
- بلاد الشام: البلدة القديمة نابلس
- الجزائر'قصبة الجزائر العاصمة'
- العمارة الإسلامية ما بين الحداثة وفقدان الهوية
المقدمة
يعد الفناء أحد أهم العناصر في العمارة الإسلامية للمنازل، فهو نقطة التوزيع في المسكن، فنجد منازل عامة الشعب والقصور أيضًا تحتوي على أفنية، ويكون اتجاه هذه المنازل من الداخل نحو الخارج ( من حيث المساحة و الخصوصية)، وقد أنتشر استعمال هذا المبدأ في أغلب البلدان الإسلامية من الأندلس إلى بلدان المغرب فالمشرق العربي، فما هي العلاقة بين العمارة الإسلامية والفناء؟
تعريف الفناء
الفناء هو عبارة عن مساحة مكشوفة مفتوحة مربعة الشكل تحتل منتصف المنزل، عُرف منذ بداية معرفة البشر البناء، حيث يساهم في توفير الإضاءة والهواء للمبنى، كما أنه يحمي الخصوصية ويوفر الأمن.
تاريخ إستعمال الفناء
منذ بداية معرفة الإنسان تكوين مسكنه بدأ استخدام الأفنية، فنجدها في الحضارات القديمة كالمصرية وحضارة بلاد الرافدين والحضارة الفينيقية أي منذ أكثر من 6000 عام، أما في العالم العربي فقد عرف الفناء تطورًا كبيراً، فاتخذ شكل وظيفي وأصبح يُستعمل لأغراض مناخية، وثقافية، و دينية، فللفناء دور في ترطيب الجو الحار صيفًا لأنه يعمل كملاقف للهواء، أما ثقافيًا فهو يحافظ على الحماية ويوفر مكان مخفي عن الأعين لنساء كما أنه أصبح يساهم في تشكيل الحركة لأن الغرف والمرافق مربوطة به
الفناء في الحضارة المصرية و السومرية:
كان استخدام الفناء يشكل بدائل ومفاهيم محلية تساعد الناس في حياتهم اليومية، فنجد لدى السومريين الفناء بمنتصف المنزل يحتوي على حوض لجمع مياه الأمطار، والذي يستحوذ على مساحة كبيرة من المنزل، أما السقف فقد كان منحنيًا قليلاً. أما المنازل في الحضارة المصرية فعُرِّفت بممر يدور حول الفناء ويحوي أعمدة
الفناء في المنازل الإغريقية و الرومانية:
يتكون المنزل الإغريقي من طابقين و بمنتصفه فناء أو atrium (مفتوحة السقف)، يحيط بالفناء أعمدة تحمل ثقل المنزل، ويدور بالفناء الغرف والمرافق، يربط بين الطابقين سلم صغير. عند الدخول للمنزل تعبر عبر دهليز للوصول إلى الفناء،
مع مرور الوقت عَرف المنزل الإغريقي تطورًا؛ فقد استبدلوا المواد سريعة التلف بغيرها (مواد صلدة) لتستمر مع الزمن كالطوب المطهي والقواعد الحجرية، وكانت المنازل الأكثر انتشارًا هي منازل التي تحتوي على ثلاث غرف وبالمنتصف الفناء، يتشابه المنزل الإغريقي، والروماني بالسقف المائل وانتصافه كما يدعى الدوموس صورة لدوموس الروماني مخطط ومجسم ثلاثي الأبعاد.
العمارة الإسلامية:
العمارة بصورة عامة هي عبارة عن رد فعل حضاري وثقافي لمعتقدات وعادات وتقاليد الأمم، فالعمارة هي سلوك بشري يحاول به الإنسان إثبات وجوده، ومنه نستنتج أن العمارة الإسلامية هي كل ما يتم بناءه وفق لتعاليم الشريعة الإسلامية سواء كانت منازل، مساجد، مدن... إلخ
مبادئ وأسس بناء المنازل في الإسلام وعلاقتها بالفناء:
من المبادئ والأسس الخاصة لبناء المنازل
- اختيار مكان جيد لبناء المنزل، سواء كان في السهول أو الجبال حسب احتياجاته .
- توفير الراحة والأمان والسكينة في المنزل والتهوية الجيدة وأماكن الزراعة .
- وجود أماكن خاصة للنساء (مفصولة عن باقي الوظائف).
- البساطة (الابتعاد عن التكلف و التبذير)، حيث تكون خالية من أي زينة ومقتصرة على الأساسيات لأن الهدف من المنزل هو توفير الأمن و المكان الخاص المحجوب عن الآخرين.
-لا ينبغي على المسلم أن يبني بيتًا لن يسكنه .
- الطهارة، سواء بداخل المنازل أو خارجها.
- إتساع البيوت والطرق
- أن تكون المنازل في نفس المستوى وألا يعلو أحد على جاره إلا بإذنه
علاقة الفناء بالعمارة الإسلامية
إن الجمال في العمارة الإسلامية يعتمد بشكل أساسي على الوظيفة والنفع العائد على الفرد والمجتمع، فنلاحظ أن الفراغات الجمالية متعلقة بالوظيفة بشكل مباشر، وأحد أهم هذه الفراغات الأفنية التي تتجه نحو الداخل، فنجد أن الجمال نابعًا من داخل المنازل نحو خارجها لا العكس، حيث الزينة والزخارف تتواجد في الداخل أما الجداران الخارجية فهي قليلة التزيين. فالمنزل ليس مجرد مكان، إنه المكان الذي يعيش فيه الإنسان براحته يتمتع فيه بالأمن والأمان والإحترام بعيد عن أعين الدخلاء والمتطفلين، ورغم أن الفناء قد أُستعمل لدى حضارات سابقة قبل الإسلام إلا أنه لم يكن إلا لاعتبارات مناخية وعادات موروثة، أما في الإسلام فالفناء يخدم المسلم ويلبي رغباته في مسكنه والتي هي نابعة من تعاليم شريعته، وهذا ليجعل للمنزل خصوصيته وحرمته الخاصة، فكل ما يحصل في الداخل يبقى في الداخل دون أن يطلع او يعلم به أحد.
كما اهتم الإسلام بتهيئة الواجهات الداخلية للمنزل المطلة على الفناء في إشارة إلى أن الإسلام يهتم بجواهر وبواطن الأمور لا خارجها أو قشورها، أما الواجهة الخارجية فلا يحبذ أن تكون مزينة فالمسلمين جميعهم سواسية بعيدين عن التباهي؛ حيث قال النبي صلى الله عليه و سلم (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى).
القصبة بالجزائر:
تأسست مدينة القصبة على يد بولوغين ابن زيري، وأقام حولها سور على أنقاض مدينة إكوزيوم التي أسسها الرومان سابقاً، القصبة تم تعينها في التراث العالمي كموقع أثري يجب الحفاظ عليه في 1992، وقد عُرفت بيوت مدينة القصبة بالأفنية والتجاور، فلكل منزل حائط مشترك مع المنزل المجاور له، مع الحفاظ على الخصوصية، وعَرفت الطرق بداخل مدينة القصبة شكلاً منحنياً عضوياً يتيه بداخلها من لا يعرفها. تعرضت القصبة السفلى إلى الهدم بعد الاحتلال الفرنسي. تتميز مدينة القصبة بطابعها المعماري المميز فهي عبارة عن متحف مفتوح.
أحد أهم حاجات الإنسان في هرم الاحتياجات لماسلو الحاجة للسكن، وهذا الأمر لا يعد غريبًا فالفرد يقضي وقت طويل من حياته في منزله، ولهذا فقد اهتم الإسلام بوضع مبادئ للمسكن تجسدت كلها في العمارة الإسلامية ومن أحد العناصر المستخدمة فيها هي الفناء. الفناء عنصر حاضر وبقوة في المنازل القديمة التقليدية قبل الإسلام وأستمر بعده مع مبادئ تحمي خصوصية الفرد وتحميه، فالإسلام يهدف دائمًا إلى الحفاظ على الخصوصية والستر.
علاقة الفناء بالعمارة الإسلامية هي علاقة تكاملية، فالفناء موروث تاريخي قديم لدى الحضارات القديمة والعمارة الإسلامية قامت بتطويره واستخدامه لأجل خدمة الوظيفة، فالفناء هو نقطة التوزيع التي يدور حولها كل الغرف فيُساهم في تحديد مخطط الحركة بداخل المنزل، ومن ناحية أخرى له دور مناخي إذ يُساهم في تلطيف الجو وتعديل درجة الحرارة.
وأخيرًا الفناء يُعبر عن فلسفة الاهتمام بجواهر الأمور؛ فللفناء أهمية كبيرة لدرجة أنه يطلق اسم منازل "الفناء" أي يطلق اسم الجزء على الكل في دلالة على أهميته بداخل المنازل.
أمثلة على استعمال الأفنية في العالم الإسلامي:
البلدة القديمة بنابلس:
نشأت مدينة نابلس منذ العهد الروماني والإغريقي على ثلاث مراحل، و هي عبارة عن سبع حارات لازالت قائمة إلى هذه اللحظة وقد بُنيت بنفس أسس المدن الرومانية وقد كانت تسمى نيابولس، وبقيت بنفس الشكل الحضري بعد الفتوحات الإسلامية إلا من بعض التغييرات، فقد تناغمت المنازل بالطابع الإسلامية، أما الطرق فصارت تعتمد على نظام الفلترة بين الداخل والخارج حتى يصل الفرد إلى الفناء الداخلي للمنزل، ومن أحد المنازل المشهورة منزل/ قصر آل طوقان بنابلس.
المنزل على النمط المعماري السوري، وذلك راجع لأصول العائلة من سوريا وبني على طراز المداميك، وامتاز القصر بالأساس العميق، والجدار العريض، أقاموا فيه الأقواس للفراش، والخزائن، والمطاوي للجلوس، والقباب للتهوية يحتوي على فناء ضخم.